:

الطيب عبدالماجد يكتب : ( الهدوء الذي يسبق العاصفة )

top-news
شركة شحن





هدنة
العاقب محمد الحسن 
وحبي  ليك من البداية قصة حلوة بلا نهاية 

مُحترم  الأغنية السودانية 
واحد أساتذتها الكبار العملاق ( العاقب  محمد الحسن ) 

الذوق يمشي على قدمين  والحرف عندما يكون 
في حِرزٍ  أمين …

موهوب ومهذب ومُهندم 
هادئ ورصين ومترع
 
مخملي الصوت متمكن الأداء 
موسيقي متمرس وملحن بقوس  كمان  

ولد في ( توتي ) فعانق النيلين …

( الأبيض ) برصانته وهدوءه  و ( الأزرق ) بعنفوانه والميّسان …

 فاقترن بزاهيات الأغاني وأعذب الألحان 
فكانت أغنياته مزيجاً بين هذا وذاك  التقيا سوياً 
ومضى كما  النيل 

وياحبيبي ... 
نحن إتلاقينا مرة 
في خيالي وفي شعوري ألف مرة 
 
وهذه  واحدة من أغنياته الساحرة   وقد قدمها 
( السر قدور )  لأكثر من فنان   لكنهم لم يستسيغونها ربما لحداثة المفردة  وغرابة التراكيب وقتها وكانت من ضمنهم 
( الفلاتية)  

لكن لأنه ( العاقب ) فقد تأملها من زاويته وقرأها بحسه ووضع لها  لحن يشبهها   
فكانت أغنية من ( غيوم ) 
وجدت  حظها في الذيوع والانتشار  فتحسر الفنانون 
على رفضها …..فكان  ( القبول ) عند العاقب 
  
أخدوا ( السيك) ….والبيابا ( الفرح )  ندمان 

ومن بعيد بتعيش معايا 
في فؤادي 
وفي عيوني وفي دمايا
وحبي ليك من البداية 
قصة حلوه بلا نهايه 
قصة حلوه وقالوا مُره 
عايز أعيشا تااااني مره 
ألف مره 

وقد عشناها مع ( العاقب ) لحناً  وأداء وغناء أكثر من
ألف مرة  

يحتفي بها الذواقة كلما سمعوها ويرددها السودانيون 
بكثير من  الإلفة والحنين كلما زاد الصخّب  وعلا  صوت  الطنين 

لا أتخيل  أن ( العاقب محمد الحسن ) بغير هذه الخواص التي نشاهده بها من وقار  وهدوء وثقافة 

هو ذاتو بدي الغُنا شخصية  كدا  ويخبرك  أن الفنون   
إرتقاء وتهذيب وإرث باقي 
لذلك غنى  ظمأت روحي وحنت للتلاقي 

بهذه اللغة الرفيعة  والأداء المتمكن واللحن الدافئ 

وهفا قلبي إلى الماضي 
وناداني اشتياقي 
أنا ظمآن ألاقي 
من حنيني ما ألاقي 
فاسقني وأملأ 
من النور لياليا البواقي
****
وهذه كلمات تشبه الرجل لذلك نطق بها كيانه 
وكانت ( هذه الصخرة  ) أغنية كبيرة مشحونة بالمعاني 
ومكتنزة بالمفردات وقد كتبها الشاعر المصري 
( مصطفى عبد الرحمن ) وكثيرون بنسبونها  للأمير 
( عبد الله الفيصل ) الذي غنى له العاقب ( نجوى ) 

لكن لايهمنا   أن ( هذه الصخرة ) قد جاءت من الرياض 
أو ( القاهرة ) فقد ذوبتها ( الخرطوم ) واحالتها 
تبراً  وبريق وحولها ( العاقب ) إلى واحة وشقّ فيها 
طريقاً من الزهور وبعضاً من رحيق 

وهذه الصخرة جئناها 
صباحاً ومساء 
وروينا قصص الحب 
عليها سعداء 
ما الذي فرق شملنا 
فصرنا  غرباء
أتمنى والمنى 
لا تسمع اليوم رجاء

ومن غيرك يا عاقب بمثل  هذا الكلام  …!!

زول بلحن ( صخرة ) فكيف إذًا أتوه  ب ( زهرة ) 

لذلك كانت كل أغنيات العاقب محمد الحسن 
زاهية ونضِرة ومشحونة …

طقشت ( الصخرة ) أضانو …فقُيّد   الحادث  
ضد  ( مشهور ) ……!!

وكيف يجهلوك 

ويعود العاقب لنا بنص سوداني من ( جوه ) هذه المرة تتجلى فيه روحنا التي تهفو للحنين وتنسجم مع الشّجن 

فيحلق(  العاقب ) مع ( القماري ) التي حلقت بكثافة في سماء أغنياتنا السودانية حيث لوّح لها ( أونسة) وجيت أوادعك يا قماري ماخلاص شدّيت رحالي

وطار ( حمد الريح ) معها والقمري فوق نخل الفريق فاقد الأهل يبكي ويحِن 

تعلم منها سيد خليفة  وعلميييييينا يااااا قماااااااااري سر المحنة وكييف بتبني ياااا قمااااااري من قشه جنة

( جنس كلام هو لكن )  
 

ويبدو أن تحليقها كان منذ زمن بعيد فقد اصطادها في لحظة شجن  ( البعاتي ) سيد  عبد العزيز  فصدّح  مغرداً 

غنى القمري على الغصون *** ذكرني الدُر المصون
فريد عصرو الما متلو  شي

ناس سيد ديل كمان طلقة واحدة بتكتلك 
والطلقة ما بتكتل بكتل ( جمال ) الزول 

 ليأتي أخصائي ( الحرف والأذن والحنجرة ) 
( العاقب محمد الحسن )  الذي استنطقها فنطقت 

في أغنيته خفيفة الظل رشيقة العود  …محرضاً إياها على البوح  ودعاها  للنشيد فأنشدت …وغني ياقمري غني واسمعني 

غني قول لينا عن أمانينا..
قول أغانينا والنغم يسري..
غني يا قمري غني واسمعني 
في حبيب عمري وصفك المغري..
طير مع النسمة وامشي ناديهو 
غني للبسمة والجمال فيهو 
قولي ياروحي  إنت سيد روحي..

بهذه الكلمات الباهية لإسماعيل خورشيد أعمل فيها العاقب شاعريته اللحنية  وصوته الدافي فسبحنا 
 
ولا أشك أن القمري اذا سمعها حيقوقي ويغني 
يتثنى ويُثّني … 

فكانت أغنيه أسعدتنا نستدعيها اليوم 
حيث تلبدت السماء بالغيوم وغاب القمري عن سمانا 
وسكت البلوم  

ووين   الضحكة منك  يا سما الخرطوم 

وغني قول لينا عن أمانينا..
غني للبسمة والجمال فيهُو 
قولي ياروحي أنت سيد روحي..

ومن سيدها سواك يا سودان 

وغني يا قمري 

وغني قول لينا عن امانينا 

( العاقب محمد الحسن ) مرجع موسيقي ولحني مهم 
حيث درس الموسيقى بالقاهره وكان رئيسا للجنة الالحان بالإذاعة 
قيل إنه كان يوقع لأغنيات جديدة   وكانت ضمنها 
(  حنيني إليك) فاعجب ( محمد ميرغني ) بها 
ولم يتردد ( العاقب ) في إهدائه لها …
وهنا فقط يمكن أن تعرف من أي طينة هذا الرجل 
ولم يدر أنه أهدانا لحناً أسطورياً و ( ود ابنعوف )   استحق الهدية 
وكانت ( حنيني اليك ) أغنيه خاصه عندنا  نستدعيها عندما يحاول أحدنا التحليق بعد أن يستبد به الشوق وتهيّج  أشجانه الذكرى وليل الغربة أضناني وطيف ذكراك بدمع القلب بكاني

كتبها ( ساخر ) ( أغاني وأغاني ) 
( المعتق ) السر قدور
وكلماتها قد تبدو  للبعض أنها لا تشبه شخصيته ( الصاخبة ) …
لكن إذا دققت النظر في عينيه وهو يمارس الاستماع في ذات البرنامج …لعرفت أنها له ..
فقدور ساحر ومسحور …!!  ومحمد ميرغني ساقا بي شارع الاماني  وأقول ياريت زماني الفات يعود تاني

والقاااااك  ياحبيب عمري وتلقاني
تلقي الريد معايا لحظة مانسيتك ولانساني
ومابنساك ومابقدر ولاعايز بعد حبك أحب تاني

( ما بنساك ..وما بقدر …ولا عايز ) ….!!

يازووول 

وها هي الخرطوم تعيد لاءاتها الثلاثة ( مُلحنة ) هذه المرة 
( قدور ) ( مَرق ) و ( محمد ميرغني  ) ( تجاوز ) والعاقب محمد الحسن  لم يهدها  لميرغني  لكنه أهدى الشعب السوداني كلو أغنيه ساحرة ولحن مخملي 
أكمل هذا  الرحيق ….
صنع المشهد ومارس  التحليق 

 
وبهرب  من خيال طيفك في عيني بلاقيهو
أعيش أيامي بالذكري ألم أفراح أعيش بيهو
ونعود تاني من تاني
 
ان شاءالله نعود إلى حضنه من جديد ونقول للدنيا  
 أنا سوداني .. 

ومتين الليل يصافيني

غني العاقب ظلموني الحبايب وقالو لي أنسى 

غناها همساً فسمعنا سحراً عبر أغنية دافيه وموسيقى ملونة
 
وظلمـــــــوني الحبـــــــــــايب
و قــــــــــالوا لي أنســـــــى
مــــــن بعـــــــد المحــــــــنة
العشتــــها همسـة همسـة
بعــد مــــا قلبـــــــي حـــــبّ
و عشـــت مـــــع الأحــــــبـة
تكفــــــــي عيــــــوني نظـرة
و يكفـــي قليـــبي همســة

الأغنية دي ما بتعرف أيهما سبق الآخر اللحن أم الكلمات وهنا تكمن عبقريه العاقب 
 
يكبــــر ريـــــــــــدنا يكــــبـــر
و يبقـــى الليـــــل شـــويـــة
،،،،،
( شوف شوية دي حنينة كيف ) 

لذلك نحن نعشق السودان  ونحب العاقب ونحتفي بهؤلاء الكبار …

فقد   جمّلوا حياتنا بالجميل ونثروا الفرحَ ورداً وعبير 

فاغدِق يا كبير  …
وزيدني من دلّك شوية 

هكذا كان ( العاقب محمد الحسن ) فناناً تحترمه ونعتز به …
عطّر سماءنا بحلو النغم وعصير الكلِم  
أسهم وقدم وترنّم سحَر وبهَر وتقدّم   

قدم أغنيات من ذهب وقدمنا على طبق من طرب  
تحسه يغني  لروحه فطبطب على  الروح …

قدم فناً راقياً ومسؤولاً وجاد ….!!
عاش بسمة ومضى نسمة بسحر الأنغام وعِطر الكلام  

التقيناه مرات ومرات عبر أغنيات شجية وألحان ساحرات وفي خيالي وفي شعوري ألف مره ….

فسلام عليك في العالمين …

والبعاد بيقول سلامك …!!

شركة جريس لاند لخدمات الشحن المختلفة

هل لديك تعليق؟

لن نقوم بمشاركة عنوان بريدك الالكتروني، من اجل التعليق يجب عليك ملئ الحقول التي امامها *